ولد بجربة يوم 05/10/1952, في وسط عائلي متواضع العلم والحال.
بدأ الشيخ عاشور المرحلة التعليمية بكُتَّاب القرية بمنطقة أجيم، شأنه شأن أبناء الأحياء في الجزيرة، فحفظ جزء عم وما تيسر من كتاب الله.
في سن السادسة التحق بالمدرسة الابتدائية بالحوانيت، ثم واصل تعليمه بالمعهد الثانوي بحومة السوق؛ فكان مولعا بالأدب واللغة والمطالعة، حاز بها على جوائز عديدة مكنته من التميز منذ نعومة شبابه، كانت حافزا له ليتخصص في مجال الآداب إلى حدود السنة الثالثة ثانوي.
في أكتوبر 1973م؛ تلقى عرضا في مواصلة المرحلة الثانوية بميزاب من القطر الجزائري، فشد الرحال إليها، وتوجه إلى مدينة غرداية ليلتحق بالبعثة البيُّوضية – نسبة إلى الشيخ إبراهيم بيوض- المتكونة من 350 تلميذ حينها؛ فاجتهد وثابر وضحى من أجل التحصل على درجة البكالوريا في نفس السنة الدراسية.
قرر الشيخ بعدها العودة إلى تونس وتمكن من التسجيل بالكلية الزيتونية للشريعة وأصول الدين سنة1978م، فأجيز في تخصص أصول الدين.
في نفس السنة؛ بدأ الشيخ مسيرته المهنية ، وعين مدرسا بمدينة الرديّف من الجنوب التونسي، وسكن فيها إلى حدود سنة 1981م حين عاد إلى حبيبة قلبه جربة العزيزة، فدرّس في منطقة الماي سنة كاملة، ثم في آجيم لمدة سنتين.
في سنة 1984م، عاش الشيخ تجربة جديدة في حياته؛ حيث عرض عليه الشيخ فرحات الجعبيري السفر إلى سلطنة عمان عن طريق وكالة التعاون الفني، ليمارس مهنة التدريس فيها إلى غاية 2017 سنة تقاعده من كلية العلوم الشرعية بالعاصمة مسقط؛ الذي درّس فيها العديد من المقررات العلمية: مناهج البحث، المنطق، فقه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، التربية الإسلامية، علم النفس، الدعوة ووسائل الاتصال، التجديد في الفكر الإسلامي، السيرة، أحاديث الأحكام، مصطلح الحديث، التفسير، مصطلح القرآن، قضايا معاصرة، العقيدة وعلم الكلام ، أركان الإيمان.
لم يتوقف اجتهاد الشيخ في تحصيله العلمي بهذه الدرجة العلمية؛ ففي سنة 2007م تمكن من اجتياز مرحلة الماجستير في أصول الدين والقضايا المعاصرة بدرجة الامتياز من الجامعة العالمية الأمريكية في أطروحة بعنوان: "العقيدة، القضية الكبرى في حياة البشر".
وفي الأول من ذي الحجة 1437 هـ / 3 سبتمبر 2016م، نال الشيخ درجة الدكتوراه في أصول الدين، وقدّم رسالته" الدليل والبرهان " للوارجلاني ، دراسة وتحقيقا ، من الكلية الزيتونية للشريعة وأصول الدين.
كان للشيخ عاشور اهتمامات بحثية أخرى؛ فكتب في العديد من المجالات: في العقيدة والفكر الإسلامي، والسيرة النبوية الشريفة، والأسرة، وقضايا الفكر المعاصر، تطوير الخطاب الديني، الكتابة في علم الكلام . وترك لنا جملة من المؤلفات المنشورة كانت آخرها:
الإنتاج المشترك :
كان للشيخ إشعاع في مختلف الأقطار، مشرقا ومغربا، في تونس وعمان والجزائر وليبيا وفرنسا خصوصا. وتخرج على يديه مئات الطلبة من مختلف الدرجات العلمية، وألقى عددا كبيرا من الدروس والمحاضرات مبشرا ومنبها، وداعيا إلى الخير بالكلمة الطيبة والقول الحسن.
اسهاماته الاجتماعية عديد، وانجازاته الثقافية بارزة، تكللت بتأسيس الجمعية الثقافية بآجيم، التي تعنى بالمعرفة والعلم والإحاطة بالشباب في هذا المجال.
اسهاماته أيضا في الجمعية الجربية بفرنسا مشهودة ومعلومة لدى كل الأجيال التي تداولت للجمعية منذ تأسيسها إلى اليوم هذا، فقد كانت زيارات الشيخ عديدة، والمحاضرات التي قدمها جد ثرية، وبصماته بارزة في العديد من المظاهر: العلمية، الإدارية، التنظيمية، الترفيهية... وغيرها.
وفاة الشيخ:
انتقل الشيخ الفاضل إلى الرفيق الأعلى صبيحة الثلاثاء 30/07/2019 بالعاصمة مسقط من سلطنة عمان، وشيع جثمانه الطاهر بجربة يوم 02/08/2019، في مقبرة العائلة؛ بعد أن ابتلي في آخر حياته بمرض السرطان الذي أصابه على مستوى الكبد، فصبر واحتسب أمره لله عز وجل.
رحم الله الشيح وجزاه عنا أفضل جزاء ورزقه جنانه، وعوضا به رجالا يحيون الدين ويحافظون على الموروث العريق.