سعيد بن علي بن يحيى بن يدَّر بن سليمان بن عثمان الجربي الخيري
(أبو صالح)* الشهير ب«عمِّي سعيد»**
(ت: محرَّم 898هـ / جانفي 1492م)
علَم أطبقت شهرته الآفاق، وقد اشتهر باسم عمِّي سعيد.
ولد في قرية أجيم، بجزيرة جربة بتونس، وبها نشأ وأخذ العلم عن أبي النجاة يونس بن سعيد بن يحيى ابن تعاريت الصدغياني الجربي، وأبي بكر بن عيسى الباروني.
لما تفشَّى الجهل بوادي ميزاب، بعث أهله إلى مقدَّم جماعة الشيخ علي بن حميدة وفداً يطلبون منه إرسال أحد تلامذته ليُحيي العلم والدين بالوادي، فأجابهم إلى ذلك، واختبر أبناءه الثمانية وتلامذته، فنجح ابنه سعيد في الاختبار بجدارة، وكان عمره آنذاك ثمانية عشر سنة، فقدم إلى ميزاب سنة 854هـ / 1450م، مع عالمين آخرين هما: الشيخ بلحاج محمد ابن سعيد الذي كان من نصيب بني يسجن، والشيخ دحمان الذي كان من نصيب بنورة، وأما هو فكان من حظِّ غرداية.
فبادر من أوَّل يوم إلى الإصلاح الاجتماعي والعلمي والديني، فأحيى وادي ميزاب وكوَّن نهضة علمية، دينية.
من منجزاته ما يلي:
- تأسيس مجلس للفتوى سنة 855هـ / 1450م، يجمع مشايخ وعلماء كلِّ قصور وادي ميزاب، وقد سمِّي باسمه فيما بعد، ولا يزال المجلس قائماً بدوره إلى اليوم. وقد أضيف إليه مشايخ وارجلان في أوائل القرن 14هـ/20م.
- إصلاح ذات البين، سواء بين عشائر البلدة الواحدة، أو بين قرى وادي ميزاب، وقام بدور القاضي العام.
- إنشاء دار التلاميذ في غرداية، درَّس فيها مختلف الفنون الشرعية واللغوية، وتخرَّج على يديه نخبة من العلماء الكبار أمثال أبنائه ومنهم أصغرهم صالح بن سعيد الذي عيَّنه خليفة له في المشيخة، بطلب من أهالي غرداية. وأمثال الشيخ أبي مهدي عيسى بن إسماعيل المليكي الذي كان رديفه في سلسلة نسب الدين: عن الشيخ عمِّي سعيد عن أبي النجاة يونس بن سعيد.
- جمع واستنساخ كثير من الكتب النفيسة وحبسها لدار التلاميذ بغرداية، وقد اكتشف ما تبقَّى منها منذ بضعة شهور، وفي إطار إعداد جمعية التراث لدليل مخطوطات وادي ميزاب، أنجز فهرسٌ شاملٌ لمخطوطات مكتبة الشيخ عمِّي سعيد الموجودة الآن بحوزة أحد حفدته، وبها كثير من منسوخاته مؤرَّخة ب 884هـ/1479م بإِجَرْجَن من جبل نفوسة، مثل التحف المخزونة لسليمان بن يخلف المزاتي، ومغني اللبيب لابن هشام... ومخطوطات نفيسة أخرى ينيف عددها على المائة عنوان.
- تأليف عدَّة رسائل وقصائد، وفتاوى، نذكر منها على سبيل التمثيل:
1. «منظومة في الفقه»، (مخ)، سؤال على شكل قصيدة لبعض فقهاء غير الإباضية، وصلنا منها 34 بيتاً.
2. «خطبتا العيدين»، (مط).
3. الدعاء الذي يتلى جماعة بعد صلاة الصبح والمسمَّى ب «السلام»، (مط).
4. بالإضافة إلى الكثير من «الفتاوي الفقهية»، (مخ).
ونشير إلى أنه أوَّل من لبس الرداء الرسميَّ للعزَّابة، فكان عادة متبعة من بعده إلى اليوم في أغلب قصور وادي ميزاب.
وهو الذي زاد توسيع مسجد غرداية العتيق من الجهة القبلية.
توفي بغرداية ودفن في المقبرة المعروفة باسمه؛ وفي روضتها يجتمع عزَّابة القصور السبعة ووارجلان لمناقشة واتخاذ القرارات فيما يجدُّ للناس من أمور دينية واجتماعية وثقافية، واقتصادية، وسياسية.
وفي سنة 1393هـ / 1973م أنشئ بغرداية معهد للعلوم الشرعية باسمه وهو معهد عمِّي سعيد، لإعداد الكفاءات العلمية في علوم الشريعة الإسلامية.
المصادر:
*سليمان بن يخلف: التحف المخزونة (مخ) نسخ أمي سعيد بتاريخ 884ه، ق128 *ابن هشام: مغني اللبيب (مخ) نسخ أمي سعيد بجبل نفوسة بليبيا في بلد إجريجن، بتاريخ 884ه، ق73 *القطب اطفيَّش: الرسالة الشافية، 39، 45، 122 *أبو اليقظان: ملحق السير (مخ) 1/5-7، 13 *متياز: تاريخ مزاب (مخ) 92، 110 *علي معمَّر: الإباضية في موكب التاريخ، 3/423؛ 4/234-236 *دبوز: نهضة الجزائر، 1/251 *النوري: نبذة، 1/67 *محفوظ محمَّد: تراجم المؤلِّفين التونسيين *الجعبيري: نظام العزَّابة، 215، 219، 269، 271، 290-291 *الجعبيري: البعد الحضاري 1/165 *الجعبيري: دور المدرسة الإباضية، 48 *الجعبيري: ملامح عن الحركة العلمية، 11 *الحاج سعيد: تاريخ بني مزاب، 78 *جمعية التراث: دليل المخطوطات، فهرس مكتبة الشيخ عمّي سعيد، كلّها -وفهرس آل يدَّر، ص152وغيرها؛ فهرس مكتبة متياز مج36 *قشار بلحاج: عوائد ميزاب، 13-27. *مجهول: تقييد ما وقعت من فتنة (مخ) 84-85 *مجهول: رسالة حول زيارة مشاهد ميزاب (مخ) 1، 6، 23 *بوراس يحي: م.ن.ت.م (مخ).
*Louis: Les mechaikhs, 28, 31 *Cuperly: Interview du Cheikh Bayyud, 44.
ملاحظات:
*ورد بنسب مغاير: سعيد بن علي ابن حميدة بن عبد الرزاق بن سعيد الخيري الجربي، الشهير بعمِّي سعيد (أبو عثمان) **ورد بالبربرية: أمي سعيد.
وقد أثبتنا النسب الذي وجدناه على جلد غزال، يحمل قائمة ممتلكات الشيخ من الكتب.